الإقلاع عن التّدخين نهائيّاً خلال ثلاثة أيّام

نوفمبر 23, 2015
الإقلاع عن التّدخين نهائيّاً خلال ثلاثة أيّام




ربما لا يروق الحديث عن الإقلاع عن التَّدخين للكثير من المدخّنين، الّذين يعتبرون السيجارة أو النّرجيلة، الرّفيق الدّائم لهم، فهي "الّتي تخفّف من قساوة الحياة، وتساعدهم على الشّعور بالراحة النفسيَّة"، كما أنَّ الحديث عن مضارّ التّدخين يبدو تقليديّاً اليوم، مع كثرة الأمراض الّتي تنتشر في مجتمعاتنا العربيَّة، حتى إنَّ البعض يرفض رفضاً قاطعاً أن تكون السيجارة سبباً أساسيّاً في الإصابة بعدد من الأمراض، ولا سيّما تلك المرتبطة بالقلب والشّرايين والرّئتين وما إلى ذلك...
وأمام هذه الإشكاليات، نطرح بدورنا السؤال الأهمّ: هل التّدخين هو إدمان حقيقي، يقف المدخّن عاجزاً عن التخلّص منه، بسبب وجود مادّة النيكوتين في الجسم، أو أنَّ الحالة التي يعيشها المدخّن هي إدمان نفسي، بسبب وهم يعيشه، على قاعدة أنّ السيجارة هي الحلّ السحريّ لحلّ المشاكل؟
سنحاول في هذا التّحقيق أن نستوضح هذه الإشكاليّة، علّنا نصل إلى خلاصة تجيب عن سؤالنا الأساس: كيف أنجح في الإقلاع عن التّدخين نهائياً؟
نظرة طبيَّة إلى التّدخين
يصنّف د. علي المصري، الاختصاصي في أمراض القلب والشّرايين، التّدخين في خانة الإدمان النّفسي والجسديّ، مشيراً إلى أنَّ أحدث الدراسات والإحصاءات العلميَّة، أكَّدت أنَّ التدخين هو من العوامل التي تزيد نسبة التعرّض للأمراض، كمرض السكّري والضّغط، كما أنَّ التّدخين يؤثّر سلباً في صحّة الإنسان، ويعتبر عاملاً أساسياً في مرض تصلّب الشّرايين، وما يستتبعه من جلطات في القلب والرّأس، وتصلّب الشرايين والساقين، وضعف في عضلات القلب، وشلل نصفي، وأمراض الجهاز الهضمي.
ويلفت د. المصري إلى أنَّ "التّدخين لا يعتبر العامل الوحيد الَّذي يؤدّي إلى هذه الأمراض، إلا أنّه عامل خطير يؤثّر بجديَّة في صحَّة الإنسان، ولا شكَّ في أنَّ الأمر يرتبط بكميَّة السَّجائر التي تدخّن يوماً، إلى جانب الفترة الزمنيَّة التي أمضاها الإنسان من عمره وهو يدخّن، والقاعدة الطبيَّة تقول: كلَّما زادت كميَّة التّدخين وفترته، ارتفعت نسبة التعرض للأمراض على مختلف أنواعها".
وردّاً على سؤال حول ما يستطيع أن يحقّقه المريض في حال توقّف عن التّدخين، يجيب د. المصري: "أثبتت الدّراسات أنَّ التوقّف عن التَّدخين يعطي فرصة حقيقيَّة للإنسان لاستعادة عافيته، والحدّ من تدهور حالته الصحيَّة، فمن يتوقَّف عن التّدخين لمدّة عشر سنوات، يصبح كأيِّ إنسان غير مدخّن، ويقلّل إصابته بالأمراض".
قرار.. وثلاثة أيّام
يرى د. علي المصري أنَّ المدخّن لسنوات طويلة، يحتاج إلى متابعة طبيَّة في الفترة الأولى، للمساعدة على الإقلاع عن التّدخين نهائيّاً، مشيراً إلى أنَّ الأنظمة الّتي أثبتت نجاحها في هذا المجال، هي البرامج الَّتي تعمل على الجانب النّفسي للمدخّن، بحيث تعزّز لديه قرار التوقّف عن التّدخين، وتساعده في المضيّ قدماً في هذا القرار دون تراجع.
ويضيف: "الخطوة الأهمّ في مشوار الإقلاع عن التّدخين، هي القرار الجدّيّ من قبل المدخّن، الَّذي يرى وجوب اتخاذ هذه الخطوة، والمضيّ في تنفيذها دون تردّد. ويوضح بالقول: "التخلّص من النيكوتين ليس بالأمر الصَّعب، ونحن قادرون على الإقلاع عن التّدخين خلال ثلاثة أيّام، إذا وجدت الإرادة".
ويتابع د. المصري: "تبدأ مرحلة تنفيذ القرار من اللّحظة التي يتّخذ فيها المريض القرار، أي بطريقة مباشرة، وهذه الطَّريقة غير مؤذية من الناحية الطبيَّة، إلا أنَّ المشكلة تكمن في الواقع، في عدم القدرة النفسيّة للمريض على المحافظة على هذا الإقلاع، بسبب التعلّق النفسي بالسّيجارة. وتصل نسبة الأشخاص الذين يفشلون في الإقلاع عن التدخين، إلى حوالى 70%".
خطوات للإقلاع عن التدخين
يوضح د. المصري الآليَّة العمليَّة للتوقّف عن التّدخين خلال ثلاثة أيّام، من خلال الخطوات التّالية:
1- المطلوب في هذه الأيّام الثلاثة، أن يشرب المريض كميّات كبيرة من السوائل، من أجل المساعدة على إخراج النّيكوتين من الجسم.
2- من الطّبيعيّ أن يشعر الإنسان بوجع في الرّأس، بسبب التوقّف عن التّدخين، ولذلك، يمكن تناول دواء لوجع الرّأس.
3- من المتوقَّع أن تزيد شهيَّة المقلع عن التَّدخين، لذا، لا بدَّ من أن ينصح الطّبيب، بالتّنسيق مع اختصاصيّة التّغذية، المريض، بتناول الأطعمة المفيدة، الّتي لا تحتوي على دهون وعدد كبير من السّعرات الحراريّة.
4- لا يجب أن يشعر المقلع عن التّدخين بالجوع في هذه الفترة، وكلَّما شعر بالجوع، عليه أن يتناول الطّعام.
5- علينا أن نتوقّع زيادة في الوزن لدى المقلع عن التّدخين، لأنَّ مادة النيكوتين تزيد عملية الحرق في الجسم.
6- لا بدَّ من المتابعة الدّقيقة مع الطّبيب، وبخاصّة في هذه الأيّام، لرصد أيّة مضاعفات قد تطرأ على المريض.
الإقلاع التّدريجيّ عن التدخين!
يشير د. علي المصري إلى أنَّ أغلب الأبحاث والدّراسات في العالم، أثبتت أنّ التخلّص التدريجي من التّدخين، هو طريقة فاشلة، لا تؤدّي إلى التوقّف النهائي عن التّدخين، لافتاً إلى أنَّ التوقّف التّدريجيّ يفرض التّخفيف من عدد السَّجائر، أو الاستعانة بالمستحضرات المساعدة في الصّيدليّات، والّتي لم تثبت، بحسب الدّراسات، نجاحها في مساعدة المريض على الإقلاع عن التّدخين نهائيّاً.
تجربة ناجحة
يتحدّث الحاج أبو كريم كنج (50 عاماً)، عن تجربته مع التّدخين طوال أربعة عشر عاماً، أمضاها وهو يدخّن بمعدّل ثلاث علب سجائر يوميّاً، ولكنّه قرَّر فجأةً أن يتوقَّف عن التّدخين نهائياً. فما هي الأسباب الّتي قادته إلى اتخاذ هذا القرار؟ وهل نجح في الإقلاع نهائيّاً عن التّدخين؟
يتحدَّث الحاج أبو كريم عن تجربته قائلاً: "على مدى 14 عاماً، كنت من المدخّنين بامتياز، وكنت أدخّن حوالى ثلاث علب في اليوم، ويزداد العدد في الجلسات مع الأصدقاء والأقارب، وقد حصلت لديّ مشكلة طبيَّة تمثّلت بزيادة معدّل ضخّ الدّم في جسمي، ورجَّح الطبيب حينها أن يكون التّدخين سبباً في ذلك، وأذكر أنّني فكّرت في الموضوع، ووجدت أن آخذ فرضيّة الطبيب على محمل الجدّ، وقرّرت أن أتوقَّف عن التّدخين، ثمّ بدأت بتنفيذ القرار، ولم أتردّد، وبخاصّة أنَّ الموضوع يتعلَّق بصحّتي".
ويضيف: "أقلعت عن التّدخين منذ أربع سنوات، ولم أشعر يوماً بأنّني أرغب في العودة إلى التَّدخين، ووضعي الصحّي اليوم أفضل، وأشعر بالرّاحة. وكلّ ما يحتاجه المدخّن حتى يقلع عن التّدخين، هو الإرادة القويّة والقرار، وأنصح كلّ شخص بأن يخوض هذه التَّجربة، لأنَّ التّدخين عادة ليس من الصَّعب التخلّص منها".
لا فرق بين السّيجارة والنّرجيلة
يشير د. المصري إلى عدم وجود دراسات علميَّة حتّى اليوم، تبيّن ما إذا كان ضرر السيجارة أكبر أو ضرر النّرجيلة، معتبراً أن لا فرق بين تدخين السيجارة وتدخين النّرجيلة، ويقول: "كلاهما مضرّ، والحديث عن أنّ النرجيلة قد تكون أخفّ ضرراً، قد يكون غير دقيق من النّاحية الطبيَّة، لأنَّ من يدخّن النرجيلة ربما يحتاج إلى ساعة أو ساعات متواصلة من التّدخين، وهذا له أيضاً تأثيراته السلبيَّة في صحّة الإنسان".
ويلفت المصري إلى أنّه وبسبب ارتفاع نسبة المدخّين للنّرجيلة بين الشباب في أعمار مبكرة، ارتفعت نسبة الإصابة بأمراض الشّرايين والقلب عند الشّريحة الّتي تبدأ أعمارها من 30 سنة.
حقائق علميَّة
يخلص د. علي المصري إلى تأكيد جملة من الحقائق العلميَّة الَّتي يفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار:
- قرار التوقّف عن التّدخين والإقلاع عنه نهائياً، هو الأساس.
- العودة إلى التّدخين سببها التعلّق النفسي بالسيجارة، وليس حاجة الجسم إلى النيكوتين.
- السيجارة لا يمكن أن تكون حلاًّ لمشاكل الحياة.
- النرجيلة ممتعة نفسيّاً للشباب، ولكنّها تؤسّس لأمراض خطيرة في أعمار مبكرة.
- ضرر السيجارة أو النرجيلة لا يقتصر على المدخّن، إنما يؤثّر في الجنين في بطن أمّه، وفي أبنائنا الّذين يجلسون قربنا، إذ يعتبرون مدخّنين معنا.
- التوقف عن التدخين يجنّب المريض الكثير من المعاناة، ويخفّف نسبة الإصابة بالأمراض والنّوبات القلبيّة.
أعزائي القرّاء، بعدما عرضنا هذه المعطيات العلميَّة والنّصائح الطبيَّة، وانطلاقاً من التَّجربة الواقعيَّة، يبدو أنَّ الإقلاع عن التّدخين ليس بالأمر المستحيل، فقط اتّخذ القرار، وابدأ بالتّنفيذ، والله وليّ التوفيق.





شارك الموضوع :

إقرأ أيضًا

اظهر تعليقات : جوجل بلس او تعليقات بلوجر
0 تعليقات بلوجر

اضف تعليق هنا الإبتساماتإخفاء